الاستعمار الاقتصادي++++++سعد بن عيسى الباتني
الاستعمار الاقتصاديالاستعمار الاقتصادي يتمثل في صك الأموال التي يتم الحصول بواسطتها على المنتجات ، و عكسه هو الإنتاج الذي يتم ببيعه الحصول على الأموال . إنه عندما تكون قيمة الأموال التي يتم الحصول بواسطتها على نفس مقدار الأرزاق هو نفس قيمة الأرزاق التي نحصل بواسطتها على نفس مقدار الأموال نستطيع أن نكتب المعادلة كالتالي : الأموال = الأرزاق ، و الأرزاق = الأموال . و لكي يتساوى طرفي المعادلة يجب عدم ربا الأموال و عدم بخس المنتجات ، و لكن الاستعمار الذي يرغب في خدمة مصالحه فقط يفرض الربا على مقترضي الأموال ، و يبخس منتجات المنتجين الغرباء و بهذا التعامل يرجح الكفة دائما لصالحه . مع العلم أن أصحاب العملات الصعبة يرجحون كفة أموالهم على كفة منتجات العالم كله بينما يرجح أصحاب العملات الأخرى كفة الميزان لصالحهم على المستويات المحلية فقط ، و بالتالي فإن فوائد أصحاب العملات الصعبة هي دائما أكثر من فوائد أصحاب العملات الأخرى .إذا فرضنا أن العالم كله يتعامل بعملة نقدية واحدة فقط ، و كان رأس مال العالم ألف تريليون دولار مثلا فإن استثمار هذا المقدار من الأموال سواء في الإنتاج أو في الصناعة أو في التجارة لا يترتب عليه أي زيادة في النقود على مستوى العالم لأن العملة النقدية لا تنتج من طرف المنتجين و لا تصنع من طرف الصناع و ليست بضاعة يمكن بيعها وتجديدها كل مرة . إن كون العملة لا تتكاثر يعني أن أرباح التجار عبارة عن المنتجات التي تقايض بعضها ببعض بواسطة العملات النقدية و ليست النقود هي التي تتكاثر .إن الأموال التي يرى الناس أنفسهم قد حصلوا عليها هي قيمة المنتجات التي تم ربحها و ليست أموالا مستقلة قد وُلِدت حديثا أو تم تكاثرها في ظلمات الليل خفية عن الأنظار . إن اعتقاد الناس بأن النقود تتكاثر هو الاعتقاد الذي ضلل الناس وسمح للدول الإمبريالية التي ابتدعت نظام تعدد العملات النقدية و وصفِ عملاتها بالصعبة هو السبب الذي مكن اليهود و المسيحيين الغربيين على الخصوص من استعمار سائر دول العالم اقتصاديا ، إن الاستعمار الاقتصادي يتحقق بتعامل الدول على مستوى العالم بعملتين بدل التعامل بعملة نقدية واحدة . إن دول المغرب العربي مثلا تتعامل بعملة المستعمر السابق لها على المستوى الخارجي ، و للحصول على عملة هذه الدولة يتوجب على مواطني الدول المغاربية خدمة مصالح الدولة المستعمرة أولا و الإنتاج لمصلحتها للحصول على العملة قبل الحصول على المنتجات الفرنسية بالعملة الفرنسية .إن الفرق يتمثل في كون فرنسا هي التي تشتري دائما قبل أن تبيع للدول المغاربية ، إن هذا التعامل جعل فرنسا في منزلة التاجر والدول المغاربية في منزلة الزبون ، و نحن نعلم أن التاجر يمارس هذه التجارة لتحقيق الأرباح و ليس لتبادل المصالح والمنافع بصفة متكافئة . إن هذا التعامل الذي يجري بين الدول صاحبة العملات الصعبة و أصحاب بقية العملات يخدم المصالح الاقتصادية للدول صاحبة العملات الصعبة على حساب مصالح الدول التي تتعامل بعملات تلك الدول على مستوى العالم . و إن هذا النظام يخدم مصالح المتقاضين للأجور النقدية على حساب مصالح المنتجين .و من خلال هذا الشرح و التحليل يتبين لنا بأن الاستعمار الاقتصادي يعني فرض العملة النقدية للدول الإمبريالية على بقية دول العالم حتى تشتري هي أولا ثم تبيع بعد ذلك بالأرباح . و إن تحرير العالم و العباد من الاستعمار الاقتصادي لا يتحقق إلا بتعامل العالم كله بعملة نقدية واحدة فقط تتكافأ فيها فرص التجارة المتساوية للجميع .إن كون قيمة الأموال تساوي دائما قيمة المنتجات مهما كان نوع العملات و المواد و العناصر المصنوعة منها ، و إن كون الأموال لا تتكاثر ، و كون المنتجات هي التي تتجدد بالإنتاج و تستهلك بالإنفاق فإن ضرورة بقاء المساواة مستمرة يقتضي تخصيص نصف الأموال لتجديد الإنتاج و النصف الثاني للإنفاق و الاستهلاك . إن النقود هي مجرد وسيلة لإتمام عملية مقايضة المنتجات بعضها ببعض . و إنها لا تنمو و لا تتكاثر و ليست هي الفوائد التي يحصل عليها التجار ، إن الفوائد هي المنتجات التي تحمل النقود قيمتها . إن تخصيص نصف الأموال للإنتاج و النصف الآخر للاستهلاك يعني أن الله هو الذي يرزق العباد ، أما تخصيص كل الأموال للعمال الأجراء فيعني أن الدول و أصحاب النقود هم الذين يرزقون خدامهم بالأرزاق التي رزق الله بها غيرهم . إن تخصيص نصف الأموال للإنتاج و النصف الآخر للاستهلاك هو ما يعرف بالوسطية في لاقتصاد ، و إن الوسطية في الاقتصاد تعني الوسطية في التعامل ، و بما أن الدين هو المعاملة قبل كل شيء ، فإنه نتيجة لذلك وصف الله تبارك و تعالى الأمة المسلمة بالأمة الوسطية حيث قال : ( و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا ) البقرة الآية (143) . و إذا لم يصدق اليهود و المسيحيون الذين يتبعونهم القرآن و محمدا عليه الصلاة و السلام ، فإنهم لا يستطيعون تكذيب المنطق الرياضي وعلم الحساب وهم الذين يدعون العلمانية و الديمقراطية وحقوق الإنسان ، و إذا كانوا لا يرغبون في الإسلام فليتبعوا سبيل العلوم التي تنير الدروب للجهلاء الضالين . مع العلم أن تخصيص الأموال للاستهلاك فقط هو الذي يؤدي إلى التبذير وطغيان أصحاب الأموال و يؤدي في نفس الوقت إلى إفلاس المنتجين و افتقارهم ويؤدي إلى الحروب التي يسميها اليهود و الرأسماليون والمسيطرون على السلطة و البنوك المركزية إرهابا و يسميها الثوار ضد الظلم و التهميش والفقر دفاعا عن الحرية وجهادا في سبيل الله . ومع العلم أيضا أن الذين يثورون ضد دولهم لتغيير السلطة فقط وليس لتحرير العالم من الهيمنة الاقتصادية الغربية على العالم هم أيضا على ضلال لأنهم في خدمة مصالح اليهود و الغرب و ليسوا في خدمة الإسلام . و مع العلم أيضا أن تحقيق الوسطية في الاقتصاد تتطلب عدم كنز الأموال التي هي وسيلة للإنتاج و وسيلة لتوزيع الأرزاق على المستهلكين وهذا لا يتحقق إلا إذا كان التعامل بالنقود آليا فقط . باتنة يوم 07/12/2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق