الاثنين، 2 أبريل 2018

الأمانه ...السعيد احمد عشي

الأمانة
إن كون تقسيم منتجات العالم بأموال العالم على مواطني العالم هو ما نعتبره تقسيما لأرزاق الله بأموال الله على عباد الله. وإن التقسيم العادل لأرزاق الله على عباده يتطلب معرفة تكلفة الإنتاج التي يتوجب على العالم تحملها حتى لا يخسرها المنتجون من نصيبهم من أرزاق الله ، ثم تخصيص أجور متساوية لجميع العمال الذين يعتبرون خداما في سبيل الله ، و إلى جانب تحديد الأجور يجب تحديد قيمة المنتجات . إنه بهذا النظام لا يستطيع الساسة و الأطباء و القضاة والأساتذة و البناؤون الذين اشتقت كلمة ( الماصونية ) من اسمهم اللاتيني وسواهم الحصول على أكثر مما يحصل عليه المنتجون أنفسهم من الأموال و الأرزاق . إن حصول العمال في سبيل الله على نفس الأجور لا يعني حصولهم على نفس المنتجات كما أنه في وسع أصحاب الأجور المتساوية انفاق جزء من أجورهم والاحتفاظ بالجزء الآخر حتى يجتمع لديهم ما يمكن أن يشتروا به ما لا يمكن شراؤه بأجرة واحدة فقط . و كما يمكن تسوية أجور العمال يمكن تسوية معاشات العجزة و الأرامل و الأيتام وغيرهم من مستحقي المساعدات . إن النتائج الصحيحة تستوجب الحسابات الصحيحة ولا تستوجب السفسطة و المغالطات و تحقيق الثراء على حساب المنتجين للأرزاق والثروات .
لقد كان من الواجب أن يحقق نظام المقايضة الذي يتم فيه تقسيم المنتجات القليلة و تقسيم المنتجات الكثيرة بالعدل و ليس حسب العرض و الطلب و احتكار الذهب و الفضة لبخس منتجات الآخرين و تحقيق الأرباح . لقد نهى الإسلام عن بخس منتجات الناس كما حث على دفع أجور العمال قبل أن يجف عرقهم ، و قد حرم الله الربا على جميع أصحاب الديانات السماوية كما نهى عن الغش و التطفيف و الرشوة و السرقة و الكسب عن طريق ما حرم الله ، الشيء الذي قد يخل بتوازن حصول الناس على نُصُبٍ متفاوتة من الأرزاق . إن التقسيم العادل لأرزاق الله بأموال الله على جميع عباد الله هو الأمانة التي تم ذكرها في القرآن و التي عرضها الله على السماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان الظلوم الجهول كما قال تبارك و تعالى .
إنه بنظام التقاسم العادل لأرزاق الله و أمواله يتساوى الناس و لا يتساوون بحرية الزواج المثلي و بحرية مضاجرة الأزواج و الزوجات لغير أزواجهم الشرعيين و غير ذلك من الموبقات . إن الله لم يخلق اليهود من الذهب و بقية العباد من الطين ، كما أنه لم يجعل مصالح الأمريكيين فوق مصالح جميع سكان العالم . قد يتساءل سائل عن عدم حث الرسول صلى الله عليه و سلم على هذا النظام فأقول له إن هذا النظام كان مستحيل التحقيق في ذلك الوقت كما أن العملة كانت موحدة بين المتعاملين بها ، و لو طالب به المصطفى عليه الصلاة والسلام لاعتبروه معتوها ، و لكن يمكن تحقيقه حاليا نتيجة لما توصل العلم إليه من تقدم و إمكانية دفع و إنفاق الأجور بطريقة آلية فقط .
إن الأمانة هي مهمة تقسيم أرزاق الله على عباد الله بالعدل ، و إن المائدة هي نفس الأرزاق التي تباع وتشترى في الأسواق و لهذا أشار الله لاستفادة الحاضرين والمتقدمين و المتأخرين منها حيث قال تبارك و تعالى (لتكون لنا عيدا لأولنا و آخرنا ) ، فكلمة ( لنا ) تعني الحاضرين و كلمة ( لأولنا ) تعني السابقين و كلمة (لآخرنا ) تعني اللاحقين . و هذه إشارة واضحة إلى تشارك الناس في الأرزاق التي تعتبر مُنزَّلة من السماء نتيجة حاجة النباتات و الحيوانات و العباد على الخصوص للأمطار و المياه .إن إغفال فقهاء المسلمين وعلماء الدين للجانب المادي و لجانب المعاملات من حياة العباد و تركيزهم على تلاوة القرآن و المحافظة على السنة و العبادات و الأذكار و الدعاء و التصلية و التسليم عل المصطفى صلى الله عليه و سلم جعلت الدين وكأنه ميت فاقد للروح و الحياة  و إن اهتمام فقهاء المسلمين بالمعاني اللغوية دون الاهتمام بالجانب الفكري هو الذي جعل اليهود و النصارى الدجالين يلتفون على سكان العالم كالأخطبوط . و أصبحوا يخدمون مصالحهم فقط بالعملات النقدية الخاصة دون خدمة مصالح جميع سكان العالم بالعملة الموحدة العامة . لقد استطاع الأمريكيون و اليهود أن يدفعوا فقهاء المسلمين أنفسهم إلى أكل أموال الناس بالباطل ، وحولوهم إلى دعاة لممارسة الإرهاب بدل أن يكونوا دعاة للتعاون على البر و التقوى و تقسيم أرزاق الله على عباد الله بالعدل و المساواة . إن الاقتصاد الإسلامي هو على عكس ما هو عليه اليوم لأن الله يغني الناس بالأرزاق و لا يغنيهم بالعملات و لهذا لا يجب أن يدعي الأغنياء بالنقود بأن الله هو الذي أغناهم . إن تأخر المسلمين و شركهم هو نتيجة تجميد الأئمة و الفقهاء المعاصرين للعقل واعتمادهم على النقل فقط الشيء الذي أدى بدوره إلى تجميد الدين وخلوه من الروح و الحياة ، و نتيجة لهذا الجمود لم يتمكن الأئمة و الفقهاء والدعاة من القضاء على ضلالات و انحرافات الغرب المبثوثة بين المسلمين و التي منها الشرك و ممارسة إغناء العباد بالعملات النقدية بدل أن يغنيهم الله بالأرزاق .
                                                          باتنة في 01/04/2018
                                                            السعيد أحمد عشي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق