شاعر

شاعر

الاثنين، 27 مارس 2017

لن أبقى في هذه المدينة☆☆☆بقلم معاد حاج قاسم

لن أبقى في هذه المدينة يوما واحدا.كأنها وحش يريد افتراسي.اﻷشباح الملعونة تحتلها من كل حدب وصوب.تشكل دوريات رعب في الليل تطاردني أينما توجهت.
الخفافيش تتدلى على أسﻻك الكهرباء ترمقني بعيونها الشيطانية المدورة.
لن أبقى في هذه المدينة بعد اليوم..لم يعد لي فيها مكانا أدفن فيه أوجاعي وخوفي ونومي.
حتى البيت الذي أورثني أياه والدي.تبعثرت أحجاره.وانكسرت جدرانه بعضا على بعض.
حزم نبيل حقيبته.وضع فيها فرشاة اسنان وأدوات حﻻقة وبقايا أوراق وجواز سفر....
وقف أمام البحر مستجديا.أﻻ يبتلعه كما فعل مع الكثير الكثير من الشباب الذين مزقت أجسادهم أسماكه.
ارتعدت أوصاله..كيف اسنان القرش تنهش أجساد الغرقى.؟
ابتلع ريقه مرارة وأسى وكثيرا من الخوف.
-ردد في نفسه يا إﻻهي كم أنا خائف وحزين.
تدفقت الدموع في عينيه...مستقبل مجهول.وبعد عن إصدقاء وجيران إلفة وبقايا ذكريات...بدون وداع..لم ير أحدا منهم.لقد تغيرت أماكنهم تبعثروا في أصقاع اﻻرض.بسبب هول الحرب وشراستها..
-ردد لن أبقى هنا ولو ساعة واحدة..لقد تعبت كثيرا.أوجاعها كسرت قلبي.لم يبق لي مكانا فيها.
حتي عملي في ذلك المطعم قد توقف منذ سنتين وبضعة أشهر.
-وداعا ﻷوجاعي وخوفي.ورعب سرق مني النوم أياما وأيام.
-ولكن للبحر حكاية أخرى.قالها رجل بجانبه.كذلك يريد الرحيل مع عائلته.
تراه سمعني وأنا أحدث نفسي.؟.ترى هل أنا ...؟..
القارب ليس كبيرا.وبضع عشرات من الرجال والنساء واﻻطفال ملأت أحشائه.
-همس في أذني ذلك الرجل..أي بني.البحر أرحم لنا من ذل المخيمات.لقد آوينا من لجأ الى بﻻدنا من اخوتنا العرب في بيوتنا.ولم ننصب لهم خيمة في طول البﻻد وعرضها.
أمانحن فقد أسكنوننا في العراء وجه لوجه مع عنفوان الطبيعة وغضبها.واغتصبوا ونهبوا وجردوا إخوة لنا من كرامتهم.
-البحر أرحم يابني..من مآسي المخيمات.والذل.
ابحر المركب المطاطي في عتمة الليل وعتمة البحر واضطراب حلم في الوصول الى ضفة النجاة..والحياة.
ثمان ساعات في صراع مع غضب اﻻمواج صعودا وهبوطا.وأصواتنا تعانق السماء..ياالله...يا الله.
صراع مع شبح الموت والرعب...وأسماك تطل برؤوسها من بين زبد اﻷمواج..وكأنها تدعوا لنا بالنجاة والسﻻمة.
ثمان ساعات..بعدها وصلنا الى جزيرة السﻻمة وبر اﻷمان.
جميع سكان المركب.عانق بعضهم البعض.ودموع الفرح تتﻷلئ على خدودهم.الجميع حمد الله على سﻻمة اﻵخر.وكأنهم عائلة واحدة.وحد بينهم القارب والبحر والزمن الصعب.واﻻمان.
خمسة ايام اخرى..تفرق أصحاب المركب كل له وجهته.
أما نبيل فله حكاية أخرى مع الحياة...ربما يأتي يوم ويحدثني..بل سيحدثني في يوم ما...ﻷنه نبيل.
بقلمي.معاد حاج قاسم..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق