طائرة من ورق
سحبه خياله نحو فكرته، فاتبع حدسه وإلهامه، ليشق طريقه نحو المحاولة والمناولة، فقد لا يخسر شيئا إن جرب فأخفق، أراد أن يكتشف، أن يعرف، أمسك الصبي قطعة من ورق مستعمل، ليعيد استخدامه في صنع طائرته الورقية، رغب في معرفة كيف أنها ترحل وتغادر المكان، تنتقل عبر الفضاء، كأنه كان يطمح إلى المغادرة وإياها، أو بالأحرى إرسال رسالته إلى عالم غير عالمه، في كل مرة كان يستنجد بالكبار والعارفين، طلبا للمساعدة، نقصته المهارة، انعدمت لديه المعرفة، لكن طموحه كان أكبر من سنه، ملكاته كانت أقوى من الإدراك، نجح في صنعه، لكنه فشل في جعلها تغادر.
أهو عيب في ورقه المستعمل؟ أم انعدام قوته الدافعة؟
حين اكتشف أن قوة الدفع تكمن في الرياح القادمة من الشرق، غير اتجاهه نحوها، لكي يتمكن من إنتاج الحركية، دون القدرة على التحكم في اتجاهها، لكنها لم تطر إلا عكس الرياح، لم يقاوم سرعتها، فرحلت واختفت عن الأنظار، علم لتوه، أن التحليق في الفضاء حلم قابل للتحقيق، يفرض قوة دافعة، وإنتاج حركة، أما السيطرة على عامل الاتجاه، فيلزمها محرك، لكن ورقه المستعمل، ليس بإمكانه احتواء الاتجاه، فترك مسيرها للرياح.
فكر مليا لو أنه ربطها بخيط يجلبه من قميص شتائه في حين، لم يشئ إحكام سيطرته عليها، وتقييد تحركها، فهو لايملك صنع الحركة، فبالأحرى التحكم فيها.
وعادت طائرته الورقية، وقد أنهكتها سرعة الرياح الشرقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق