شاعر

شاعر

السبت، 9 يونيو 2018

الطغاة العرب (1) ...بقلم / احمد عبد اللطيف النجار

محطات في حياة
                    الطغاة العرب ! //  1  //
                               بقلم
                  أحمد عبد اللطيف النجار
                          كاتب  عربي
                     (( الحلقة الأولي  ))

تلك محطات أو وقفات سريعة مع الطغاة العرب الذين سرقوا ونهبوا واغتصبوا أحلام شعوبهم المقهورة طوال نصف قرن من عمر الزمان ، منهم من مات غير مأسوف عليه ، ومنهم من اُعدم عشية فجر عيد الأضحى المبارك ، ومنهم من مات بضرب القباقيب مثل شجرة الدُر المصرية ، ومنهم الهارب الزين إلى بلاد الحرمين ، ومنهم ( البعض) ما زال علي قيد الحياة مثل الرئيس المصري الأسبق حسني الغير مبارك ، المخلوع بفضل ثورة الشعب المصري الإلهية يوم 25 يناير سنة 2011 ــ ومنهم الذي  قُتل بيد الحوثيين الذين تآمر معهم ضد بلاده  ، إنه الشاويش المجرم علي عبد الله صالح  حاكم اليمن سابقاً ، الذي خدع حكام المملكة السعودية  بمنتهى المكر والدهاء ،  وعالجوه في مملكتهم ، ثم عاد ليلدغهم مثل الحية الرقطاء !

                               المحطة الأولي
              صنم العراق الأكبر صدام حسين !
صدام حسين ، وما أدراك ما صدام حسين ، إنه الصنم العراقي الذي
تهاوى بيد الجنود الأمريكان الغزاة ، عندما وضعوا علي رأس تمثاله في قلب بغداد العلم الأمريكي اللعين ، ثم حطموه بواسطة دباباتهم العملاقة عندما عجز العراقيين على تحطيمه ، هذا ما شاهدناه جميعاً علي شاشات الفضائيات العربية والعالمية يوم  9 إبريل سنة 2003 ــ يومها اختفي الجيش العراقي (( كله )) وكأن الأرض انشقت وابتلعته !!
يومها كانت صدمتنا كبيرة في صدام وجيشه (( الكبير)) جيش أم المعارك وأبو المعارك وأخت المعارك ،، كانت صدمتي أنا شخصياً في صدام هائلة ، لأنني عشت عصر صدام ، عشت وأقمت في قلب بغداد والموصل والبصرة والسليمانية وكركوك  ثمانية أشهر كاملة سنة 1987 ــ أخر سنة للحرب العراقية الإيرانية ، ورأيت بأم عيني طوابير الشهداء تأتي من الجبهة ، وشاهدت كيف كانت العراقيات  الماجدات يزغردن عند استلام جثة أي شهيد ملفوفة بالعلم العراقي الوطني ، ويطلقون رشاشاتهم فرحاً وتعظيماً للشهيد ، ورأيت بأم عيني كذلك كيف كان العراقيين ( يعبدون) صدام حسين ، لدرجة إنه في حالة ضبط أي مواطن أو مغترب يدوس صورة صدام في أي صحيفة عراقية ، ساعتها يتم تقديمه للمحاكمة العاجلة بتهمة الإساءة للذات الصدامية !!   
يوم سقطت بغداد ، أصابتنا جميعاً صدمة فظيعة ، وقد عبّرت عنها بقصيدة شعرية  بعنوان .......   أبي صدام !!!
                   ( من طفل عراقي للرئيس صدام حسين  )
أتصدمنا ....... أتصدمنا !
لما صدام  صدمنا !
انهزم فينا الأمل ..
النهاية كانت عدمنا ..!
أتصدمنا في اللي
عقله كان عنيد !
أتصدمنا في اللي
كبّل أمته..
بالسلاسل والحديد !
وراح يكابر...
راح يزيد !
في النهاية صار شريد !
أتسجن وحده وحيد !
هذا ما أتذكره من قصيدتي ، فقد ضاعت مني بكل أسف ، لكن قبل أن أبدأ محطتي مع أول الطغاة العرب صدام حسين ، لدي قصيدة أخرى ما زلت احتفظ بها تدور حول تلك الحقبة السوداء من تاريخ العرب ، غزو العراق وسقوط بغداد ، القصيدة كان عنوانها : الله يلعن بوش!
... وذلك عنوان ساذج كما ترون ... الآن سأجعل عنوانها  :
                           نكسة أمتنا العربية !!!

في بلاد ما بين النهرين ..
شفت يا صاحبي المُرين !
شفت جنازة بالكمامات ..
شفت العالم العربي  مات !
شفت الدم حمامات !
ولا في نخوة ولا في عِزة..
قولوا عليها يا ناس سلامات  !
الله يلعن اللي خانوها .
واللي باعوها ..
واللي جعلونا في متاهات !
   ************
الله يلعن بوش وأصحابه
وأمه أمريكا وأحبابه ! 
الله يلعن أبو جنابه 
وأخونا العربي اللي جابه ! 
  *************
في بلاد دجلة والفرات ..
ضاعت منا ...
حاجات وحاجات !
الدم العربي
صار رخيص ..
أرخص من دم الدجاجات !
في بلاد دجلة والفرات ...
قال صدام أنا في ثبات !
عندي أقوي جيوش وآلات !
وصواريخ جامدة وجبهات ..
وأنا صدقته أتاريه مات !
تركنا في الهم وفات !
عيّشنا الوهم في سنوات !
شرّبنا المُر كاسات !
  *************
أما أخوه سعيد صحّاف
عشنا معاه كام يوم ظراف !
قال إحنا والله ما نخاف ..
ولا بيننا أبداً خوّاف !
وما نخشي كل الأجلاف !
دعيت له من قلبي عواف ..
دعوات كتيرة وآلاف !
قال دي الحرب النفسية ..
كلها كذب ، كلها رذية !
والرؤية فيها وردية !!
وعلوج العدو معدية
مش ليها في بلادنا دية !
وف بغداد نأذيها أذية !
تتعلم منا الحرية !
وأنا صدقته ميه الميه !
و صحيت يوم ( تسعة ) الفجرية
علي خيبة جامدة وقوية !
علي نكسة أمة عربية !!
جعلوها للغرب مطية !
صار كل حكامها  دمية !
وانكسرت العِزة في  قلبي ..
انكسرت نفسي وعينيا !!!
انكسرت نفسي وعينيا !!!
انكسرت نفسي وعينيا !!!!

نبدأ بعون الله وتوفيقه أول محطة مع  الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي صدمنا جميعاً في حياته وبعد مماته !
سوف استعين بفقرات طويلة من رواية صديقي العراقي المحترم الدكتور  محسن الرملي ، روايته المدهشة ( حدائق الرئيس ) ، هي باختصار تحكي حياة فلاح عراقي أحضروه من أعماق الريف العراقي لكي يعمل ( جنايني) في حدائق القصر الجمهوري في بغداد ، هذا الفلاح البسيط سوف يحكي لنا ما رآه داخل حدائق القصر الجمهوري ، وكيف أنه في يوم ما شاهد بأم عينيه الرئيس صدام حسين في سهرة خاصة في حدائق القصر الجمهوري ، شاهده وهو يطلق مئات الطلقات من مدفع رشاش بيد واحدة دون أن يهتز له جفن !!
&& يقول الدكتور محسن الرملي في روايته الرائعة الواقعية حدائق الرئيس ، الفصل 16 بعنوان أول الحدائق :
لم يمض أسبوع حتى جاء طارق المندهش ، وهو مندهش حقاً ، دخل فناء بيت إبراهيم مسرعاً وهو لا يكف عن التزمير الصاخب ، خرجت قسمة بنت إبراهيم  مسرعة ونزل هو ملوحاً بورقة في يده وهو يهتف : أبوكِ موجود ؟!
وما أن أنهي سؤاله حتى ظهر إبراهيم في الباب ، فهرول إليه
طارق وحمله بين ذراعيه من تحت الإبطين ودار به بفرح وهو يردد : مبروك ، مبروك ، ثم أنزله وقال له : لقد قبلوك للعمل في بغداد  ، في الأسبوع القادم ستكون في القصر الجمهوري يا بطل ، خلاص ستُحل كل مشاكلك ، ستتغير كل حياتك !!
انتقل إبراهيم وابنته قسمة للسكن في شقة متواضعة في بغداد ولم يتركهم طارق إلا بعد ثلاثة أيام ، حيث رتب لهم كل شيء ، الإيجار ، التسوق ، تسجيل قسمة في المعهد ، وأعطاهم أرقام هواتف معارف له في بغداد .
قبل صباح موعد المقابلة في القصر الجمهوري ، لم ينم إبراهيم من شدة القلق والانفعال ، لكن الذي لم يتوقعه أبداً هو أنهم لم يسألوه شيئاً علي الإطلاق وباشر عمله منذ اليوم الأول ، فبعد المرور بالكثير من السيطرات العسكرية  والمدنية وغرف وكمائن التفتيش وصور وطبع بصمات   وفحص طبي ، وصل معي ما يقرب من خمسين شخصاً آخرين ، رجال ونساء من أعمار مختلفة ، أجلسوهم في قاعة  واسعة فارهة بكل تفاصيلها ، ثم دخل عليهم ضابط برتبة عقيد ، بشاربين كثيفين  و ملامح شديدة الصرامة ، برفقة عساكر خلف ظهره وعلي الجانبين .
خاطبهم بالقول : إننا نعرف عن كل واحد منكم كل شيء ، وربما أكثر حتى مما يعرف هو عن نفسه ، ولذلك اخترناكم من بين آلاف الطلبات  التي تصلنا يومياً ، يعني أنكم النخبة ومخلصين للقائد  والحزب والثورة والوطن ، وسجلاتكم نظيفة وشريفة  وتدل على ولائكم ، وأغلبكم كانوا أبطالاً أيام الحرب ـ لذا فأنتم أهل للثقة ،
والمطلوب منكم أن تواصلوا هذا الإخلاص ، وأن تكونوا بمستوى المسئولية !
فجأة تغيرت نبرته المادحة هذه إلي أخرى حازمة ، مهددة ، متوعدة ومخيفة : ستعملون في أماكن خاصة تتطلب السرية والكتمان ، لذا عليكم إتباع قاعدة ( لا أرى ، لا أسمع ، لا أتكلم ) ومن يتفوه منكم بأية كلمة عن عمله خارج مكان عمله فسوف نقطع لسانه ، والطباخ الذي يكسر صحناً سنكسر رأسه ، والحدائقي الذي سيقطع نبتة أو وردة  سنقطع رقبته ، والمنظف الذي  سيقصر في تنظيفه سنقصر عمره !
خطبة طويلة مليئة بالتهديد والوعيد والأوامر ، مكرراً عليهم بأنهم يعرفون كل شيء ، وأن هناك كاميرات في كل مكان تراقب وترصد أي حركة ، بما في ذلك حركة نملة سوداء علي صخرة صماء  في ليلة ظلماء !
                         ـــ انتهت الحلقة الأولي ـــ

&&& الحلقة الثانية غدا ان شاء الله .
                                          أحمد  عبد اللطيف النجار
                                                  كاتب  عربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق