شاعر

شاعر

الجمعة، 28 أكتوبر 2016

نزف القلم......بقلم محمد القصاص

نزف القلم
بقلم الدكتور محمد القصاص

أحاول دائما ، وأنا أواكب الحركة الأدبية سواء على صفحات التواصل الاجتماعي ، أو المواقع الإلكترونية ، أن أفهم سبب تعالي بعض الكتاب والشعراء والمفكرين على غيرهم من الكتاب أو الشعراء أو المفكرين ، وإشعارهم بأنهم أدنى منهم درجات وأقل منهم مستوى .
من هنا أردت أن أقول للجميع مع أن كثيرا منهم هم أعلم مني ، بأن العقل فقط هو الذي يرقى بصاحبه ويرفع من مستوى فهمه وإدراكه ، ليوصله مكانة راقية سواء أكان بالعلم والأدب والثقافة والفكر ، أو بالخلق والفضيلة والتواضع والتعاون مع أبناء جلدته بأسلوب راق لطيف ، منطلقا من قناعته بأن العلم الذي وصل إليه ، قد وصفه الله سبحانه وتعالى بأنه علما قليلا ، حيث قال جل وعلى : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ..

لقد أخطأ كثير من الشعراء والأدباء والعلماء والكتاب الذين ما زالوا في خطواتهم الأولى وضلوا طريقهم ، حينما فقدت البوصلة التي يستخدمونها بمسيرتهم الثقافية قدرتها على تحديد الاتجاهات ، فالمثقفون الذين ما زالوا في بداية الطريق ، هم أمم أمثالكم أيها المتعالون على غيركم ، وقد اختاروا لأنفسهم طريقا حافلا بالمصاعب فأشقوا عقولهم بالبحث والتنقيب ، لكي يبلغوا المكانة التي يطمحون بها ، والمستوى الذي يبحثون عنه ، ربما أتيحت لهم الفرصة بأن يتجاوزونكم من خلال دأبهم واطلاعهم وسعيهم الحثيث بمراحل كثيرة ، فكم من طالب علم تفوق على أساتذته تفوقا عظيما ، ومع ذلك فما زال هؤلاء الطلاب يعظمون أساتذتهم ويتعاملون معهم بكل احترام وتواضع وحب وإجلال ..
من قال لكم بأنكم أصبحتم علماء وشعراء وأدباء قد بلغوا القمة ؟ ، وأعلمكم هنا بأن من بلغ القمة لم يعد أمامه سوى الانحدار .. نعم الانحدار ، إنكم تعلمون بأن ما بعد بلوغ القمة هو واد سحيق شديد الانحدار ، ولن يكون أمامهم بعد ذلك إلا سلوك طريق الانحدار حتما وبلا منازع ..
لم أكتب موضوع النزف هذا طواعية ، وإنما كتبته بعدما وصلت إلى قناعة أكيدة ونتيجة مؤلمة دفعتني لكي أكتب عن هذا الموضوع ، وأحب أن أبوح ببعض ما عرفت عن بعض الشعراء والأدباء وبعض رؤساء المواقع الإلكترونية ، الذين تجاوزوا كل حدود الاحترام ، ونكران الآخر مهما كان حجم ذلك الآخر ، بل وقد تجاوزوا على قدسية بقية الأدباء والشعراء ، بسبب الغرور الذي تمكن من نفوسهم ، وللأمانة ، فأنا أعلم بأن هناك شعراء مقتدرون ، ولكن نفسياتهم مريضة ، وعقولهم واهنة لم تكتمل بعد ، ولم ترق إلى المكانة العلية التي لا يبلغها المرءُ إلا بالعلم والأدب والفكر والإبداع . 
كما أن هناك بعض الكتاب الذين عرفتهم ، ممن تمكنوا من كتابة بعض القصص أو الروايات أو أنشطة أدبية ، وأقاموا لها الاحتفالات والأمسيات والأنشطة ، قد ظنوا أنفسهم بأنهم قد ختموا العلم وبلغوا آخر مرحلة من مراحله  ، مع أن ما كتبوا ، لا والله لم يكن له أي فائدة تذكر ولا أي موضوع قد يفيد الآخرين ، وقد اعتقدوا اعتقادا خاطئا بأنهم انتهوا إلى حيث لم يعد لديهم ما يفكرون به سوى أن يتعالوا على الناس .
أنا هنا .. لم أكتب هذا المقال إلا لأنني وجدت منهم ما جعلني أنتبه له ، وأكتب عنهم بلا تردد ولا تراجع ، إيمانا مني بأن المثقف يجب أن يرتقي كلما ارتقى بالعلم ، وأن يتواضع كلما علت مكانته بين الأقران .. لا أن يكون ثورا كلما سمن وشعر بالقوة هاج وآذى غيره ، واعتدى على حرياتهم ، ووقف في طريقهم ، وتعالى على كثير منهم .
إن العلم والأدب والثقافة لم تأت للمرء اعتباطا ، وإنما هي موروثات أنعم الله بها عليه ، وألهمه إلى لغة عظيمة ، وهي لغتنا العربية لغة القرآن ، التي لم تكن ملكا لأحد دون آخر ، بل هي ملك لكل إنسان يبحث عن العلم والثقافة والأدب ليرتقي ويتواضع ، لا أن يتعالى ويتكبر ويصيبه الغرور ، العلم والحمد لله ليس ملكا لأحد فعلا ، وهو متاح للجميع  والحمد لله ، لكن المطلوب هو أن يصدر المتكبرون عن غيهم ، وأن يتوقفوا عن التعالي وتجاهل الآخرين مهما كانت مستوياتهم ، فلكلٍ منا مكانته وحضوره ، وقدراته ، ولا والله أجد أبدا أحدا أفضل من أحد إلا بحدود حديث نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم حيث قال : ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى . 
أيها الشاعر والكاتب والأديب الذين عنيتكم بمقالتي هذه ، عليكم أن تعلموا بأن أصدقاءكم الذين يعيشون بين ظهرانيكم يعلمون بأنكم ما بلغتم من العلم إلا قليلا ، واعلموا أيضا بأن ما تحصَّلتم عليه من علم لا يتجاوز مقدار ما يعلق بالمخيط إذا غمس في ماء المحيط .

أستغرب من شاعر له وزنه ، قدير ومتمكن ، وراقي لكن نفسيته مريضة بالكبر والتعالي على الناس ، هل يعد له وزن أو مكانة ما بين الشعراء والأدباء والناس أجمعين ..
ثوبوا إلى رشدكم وعودوا عن غيكم ، وارجعوا إلى ربكم ، واتقوا الله لعلكم ترحمون ،،،
والله من وراء القصد ،،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق