بسم الله الرحمن الرحيم
من هدي النبوة(الْمَدَّاحِينَ)
قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :-
{{ إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ***
فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ }}} كثر هؤلاء المداحين
أدب رفيع وتعليم وتربية عالية ما كنت أتوقع حديثا شريفا يتناول أمرا من الأمور بهذه العبارات الصريحة المريحة المليحة ضبط محكم لميزان القول في المدح وفق معايير الأخلاق،
وفي واقعة في نفس المعنى :-
عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ بَعَثَ وَفْدًا مِنْ الْعِرَاقِ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه
فَجَاءُوا يُثْنُونَ عَلَيْهِ
فَجَعَلَ الْمِقْدَادُ يَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ التُّرَابَ}}}
وَقَالَ مجاهد{{ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَحْثُوَ فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ}}
فالصحابي الجليل المقداد رضي الله عنه قام بتطبيق الحديث تطبيقا عمليا فجعل يحثو في وجوه المداحين التراب!!! عجيب على هذه الجُرْأَة.....لا تلومه في الحق لومة لائم,,,,
يا ليت قومي يعملون وفق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بقي مداراة أو مهادنة وقطعت ومنعت الألسن من التزلف والنفاق والمزايدة والمدح الكاذب... ألا اننا نحن من نحب المدح والمدحين،،،
قال الله تعالى{{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا ***
وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا***
فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}}
تصور أن ما حصل من المقداد يحصل اليوم من كل ممدوح ضد مادح فاضح قال بهتانا وزرا فالممدوح أعرف بنفسه من هذا الكاذب فمَنْ عَرَفَ نَفْسه لَمْ يَضُرّهُ الْمَدْح،
{{بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ }}
وأسمع لهذا الأدب الراقي قَالَ بَعْض السَّلَف:-
إِذَا مُدِحَ الرَّجُل فِي وَجْهه
فَلْيَقُلْ:-
[[اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ،
وَلَا تُؤَاخِذنِي بِمَا يَقُولُونَ،
وَاجْعَلْنِي خَيْرًا مِمَّا يَظُنُّونَ}}
معروف من قديم الزمان للمادح المراوغ هدفه أما استعطافا أو استدرارا أو نفاقا أو استجلابا أو استدراجا...
أي في نفسه حاجة ينشدها، فإن كنت مادحا فقل خيرا أو لتصمت، وهؤلاء يتكاثرون ويزيدون ولا ينقصون حسب العرض والطلب خاصة في هذه الأيام باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم، فما ربحت تجارتهم !!!
فتجد أحدهم يبالغ في المدح والثناء في بعض الصفات التي قد تخرجه عن الملة والدين وطبعا هذا إذا رضيه الممدوح لنفسه وما نهره وحثى في وجهه التراب فهما في الإثم سواء،
فمن كان ظالما أو قاتلا أو سفيها أو ماجنا أو مبذرا أو متكبرا...فأنصحه ولا تمدحه وإلا قد غششته
وهكذا علمنا صلى الله عليه وسلم فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: مَدَحَ رَجُلٌ رَجُلًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَالَ:
"وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ مِرَارًا، إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا صَاحِبَهُ لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلَانًا وَاللَّهُ حَسِيبُهُ وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا أَحْسِبُهُ إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَاكَ كَذَا وَكَذَا"
فاعمل بهذا الهدي النبوي الشريف خروجا من الملامة ،
ومع عظيم مكانته صلى الله عليه وسلم قال:-
لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ
فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُواعَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ)
فالإطراء في اللغة يأتي تارة بمعنى المدح مطلقا أي أطرى مدح , وتارة يأتي بمعنى المبالغة في المدح فأختر اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم لنفسه(فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ )
صدقت يا رسول فأنت كما وصفك رب العالمين (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)فكيف بباقي البشر الذين لم يبلغوا جزءا من مِعْشار صفاتك المحمودة {{... وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا...}}}
شاعر
الخميس، 10 مايو 2018
(المداحين )....احمد شديفات
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق