شاعر

شاعر

الخميس، 10 مايو 2018

أمل على قيد الحياة ...عبدالله محمد الحسن

.........((  أمل على قيد الحياة   ))..........

قصة قصيرة ...الجزء الثالث

قالت وقفت أمام هذا المصير المجهول
ثم تابعت بمرارة ومن هنا تبدء رحلة العذاب
ثم صمتت
ولا تعلم أن بداخلي غصة تتأوه وخافق ينزف وجعا
أستمر الصمت برهة
أشعلت سيجارة وأنا أرمق بعينين صامتتين تجار السوق وهم يغلقون حوانيتهم ومحلاتم التجارية
وقد خفت حركة المارة من السوق
سمعت عندها صوت نشيج
قلت أو تبكين هيام
قالت آسفة عامر
لكنني لم أستطع أن أتمالك نفسي
قلت أرجوك هيام
لا أحب رؤيتك وأنت تبكين
أرجوك كفي عن البكاء
قالت حاضر سأستأذنك للحظات
حتى أغسل وجهي
قلت لا بأس فأنا بانتظارك
وماهي إلا لحظات حتى عاد ذاك الصوت الهادئ مناديا عامر
قلت نعم
قالت أريد أن أراك الآن
قلت لا بأس لكن أريد منك ألا تتكلمي بهذا الموضوع الآن
قالت كما تريد بعد إذنك
فأغلقت المكالمة وأتصلت من جديد مكالمة فيديو
فالتقت عيني بعينيها
وبدت أمامي بوجهها الملائكي
ليست نظرة المحب فحسب
إنما هي نظرة رجل لطالما أرقته لحظة كهذه
لحظة بكى فيها الصمت على سواحل الوجع
كلماتي كثيرة تحترق بداخلي خلف ستائر الحياء
أبحرت بنظراتي متأملا بعينيها اللتين يحملان حكاية ألف ليلة وليلة فلما أحسست بملامح الخجل ترتسم بوجهها
أومأت لها بأن يكفي
هزت رأسها ورفعت بحاجبيها رافضة
قلت هامسا لها آلا يكفي هيام
ابتسمت وقد لف وجهها بريقا من الحياء
عبرت عنه بوضع كفها على ثغرها
ثم قالت
لا أريد مفارقة عيناك عامر
أريد أن أشبع من رؤيتك
اومأت لها بهزة خفيفة برأسي موافقا نافثا دخان سيجارتي وماهي إلا لحظات
حتى أبتسمت وقالت عامر أنتبه لنفسك تصبح على خير
قلت حاضر وأنتي بألف خير
تلفتت حولي وكأنني أستيقظت من حلم جميل لا أريد أن ينتهي
فإحساسي الغريب نحوها بات هاجسا يؤرقني وشيئا يهون علي مصاعب غربتي
انتشلني من تفكيري صوت أبي الفوارس يتكلم بهاتفه متوجها
قائلا هل اقتنعتي الآن أم الفوارس أنتي شريكة عمري
لتعلمي أننا نهز الورد لنشم رائحته فأنتي تعلمين ماأكنه لك من محبة
لا يمكن أن أتزوج عليك أبدا
وأشار إلي بيده قائلا هذا الحلبي هو رأس الفتنة
وأكمل حديثه مبتسما
لكنني أحمد الله كثيرا بأن كتب للبقرة عمرا جديدا
ثم جمع أصابع كفه الأيمن هازا يده متوعدا سأريك لاحقا ياحلبي معبرا عن مزاحه بأبتسامة
وعاد إلى الداخل بخطوات بطيئة
مثرثر كعادته
أثارت هيام في نفسي شجن عميق وأيقظت مشاعر ألهبت داخلي
مسائلا نفسي هل أحبها
هل تحبني
أم إنها كسابقاتها من اللواتي .......
لالا مستحيل أسئلة كثيرة أرقتني لوقت متأخر من الليل
وأنا أستحصر بذاكرتي عينيها الخجولتين وذاك الوجه الرائع بكل ملامحه وتفاصيله
حتى استسلمت لسلطان النوم
أستيقظت متأخرا في اليوم الثاني وقد خلا البيت من الجميع
وجدت رسائل صباحية على هاتفي وقد أعتادت هيام إن ترسل يوميا رسائلها الصباحية لي لكنني أفتقد رسائلها اليوم
ألقيت هاتفي على وسادتي
وهيأت بعض الأمور
فأنا أحس بشوق كبير للكتابة فبداخلي أفكار كثيرة ومشاعر أكثر وماكدت أخط الأحرف الأولى حتى أنتشلني رنين هاتفي
ومابرحت اسم هيام على الشاشة حتى أنتفض ذلك المجنون بصدري خافقا وعاد ذاك الصوت الذي أدمنت سماعه
فسلمت وأعتذرت عن تأخيرها بالعمل لأسباب أجبرتها ولعدم توفر الشبكة لديها
قلت لا عليك
قالت هل نمت جيدا
قلت الحمدلله....هيام أشتقت إليك كثيرا
قالت بخجل وأنا
قلت يدفعني فضولي لسماع تتمة ماتكلمتي به البارحة
قالت نعم عامر
سأتكلم لك عن كل شيئ كما وعدتك
فهذا يريحني كثيرا
لقد عشت حياتي الجديدة بينهم
حياة بوجهين
فزوجة أبي هي من كانت تخطط وتنفذ
فالوجه الأول كان بوجود أبي
كنت الفتاة المدللة بضفائرها الجميلة وبلباسها الحسن النظيف
وبالمعاملة الرحيمة
اما الوجه الثاني فهو بغياب أبي
وسفره بحكم عمله بوزارة الخارجية
فكان هذا الوجه المخيف والمحزن الذي تحولت فيه
إلى خادمة أقوم بمعظم أعمال البيت من مسح وتنظيف وانا أبنة الثامنة من عمري أتعرض للسخريات اللاذعة من أخوتي ونظرات الحقد والكراهية  من زوجة أبي القاسية
بمواقفها الكثيرة لتوجيه الإهانات والشتائم لي
حتى كان اكثر مايغضبهم مني عندما يرونني أقوم بواجباتي المدرسية وكثيرا ماتعرضت لتمزيق كتبي ودفاتري من اخوتي
ويصل كل هذا لأبي معكوسا
فأنال منه نصيبي من العقوبة والتوبيخ كل هذا كان يحدث داخل جدران هذا البيت الفخم
الذي يدل ظاهره على رغد العيش والحياة الهنيئة
ومما زاد يأسي بعد حرماني من حنان أبي الذي أعيش بكنفه
زواج أمي بعد طلاقها من أبي بستة أشهر
فقد كانت زياراتي لها تخفف عني قليلا
أما بعد ان تزوجت وابتعدت
أحسست بوحدة قاتلة لكنني عشت معهم حياتي بكل تفاصيلها الموجعة حتى بلغت الثانية عشرة من عمري
ولم تزدني تلك الإهانات والمعاملة السيئة والألفاظ القبيحة التي ينعتونني بها
إلا صلابة وقوة
وقفت أمام المرآة ذات مرة وأنا أحمد الله الذي من علي بشيئ من الحسن والجمال
فبرغم كل ما حدث ويحدث لا يزال الأمل يرتسم أمام عيني
سأتابع تعليمي ولن أكون بعد ذلك بحاجة لأحد
حتى لمحت زوجة أبي ترمقني بنظراتها وتتمتم بكلمات ساخرة ولاذعة صارخة كعادتها هي تحركي أفعلي كذا وكذا
وماهي إلا أيام حتى فوجئت بضيوف عندنا وماعلمت إلا بعد ذهابهم بأنهم من أقارب زوجة أبي وأن سبب زيارتهم خطبتي لأبنهم أحمد الذي يبلغ من العمر ثمانية عشرة عاما
تملكني خوف شديد وصمت حزين
لم أملك الجرأة بإعلان عدم موافقتي
فقد خططت ونفذت زوجة أبي لتحقيق مرادها وللتخلص مني
فقد كانت أمرأة سليطة ولم يكن أبي يرفض لها طلبا بكل ماتقرر فعله
لم أصدق ماسمعته حتى جاؤوا لي بفستان الزفاف
وقاموا بأعدادي كفتاة ليلة عرسها
وسط دموعي وآهاتي
فقد تم عقد القران أمام الحظور
وكأن الطير على رأسي
ولم أستطع أن أحرك ساكنا
أمام سطوة زوجة أبي القاسية ونظرات أخوتي الحاقدة
فلم أجد من ذلك مخرجا سوى الهروب
وفعلا تسللت متخفية وقفزت من النافذة إلى الممر الخارجي المؤدي لحديقة المنزل فأجتزت سياج الحديقة هاربة هائمة على وجهي خائفة باكية
أتلفت خلفي خشية أن يلحق بي أحد
ولم اجد أمامي سوى بيت لإمراة قبطية تعيش بمفردها
وبدون تردد طرقت الباب بقوة
وماأن فتحت الباب حتى ألقيت نفسي بحضنها باكية مستغيثة
أدخلتني المرأة لبيتها بكل لطف
وبعد أن علمت حكايتي أخبرتني بمساعدتها لي بكل حكمة
وبعدم التخلي عني
أحسست بشيئ من الأمان عند تلك المرأة القبطية
وماهي إلا لحظات وجيزة حتى طرق الباب بقوة
أرتعد قلبي فزعا وأزددت بكاءا
فوقفت المرأة مربتة على كتفي
وقالت أهدئي ياصغيرتي ولا تخافي لن أسمح لأحد بأخذك
فتقدمت وفتحت الباب
وكان الجميع بالباب سمعت صوت أحد إخوتي يقول علمنا ان أختي دخلت  عندك منذ قليل
قالت صحيح هي عندي ولن أسمح لكم بالدخول وأردفت قائلة أين العريس تعالت أصواتهم متوعدين لكن العريس
أسكت الجميع قائلا إنها زوجتي ولن يتكلم معها سواي
فدخل وأغلق الباب خلفه
وتقدم مني فوقفت مرعوبة وأحتميت بظهر تلك المرأة
فقال وكأنه فهم تلك الصورة على حقيقتها
اهدئي هيام ولا تخافي مني فلست سيئا لهذا الحد أتيتك بمفردي حتى أفهم منك كل شيئ
ولن ترين مني ماتكرهين والله
تكلمي ....
أحسست بصدق كلامه
قلت له انا لأ أريد الزواج فلم يزل عمري إثنا عشر عاما وغير موافقة
وكل ماتم هو من تدبير زوجة أبي للتخلص مني
فأنا لا أرغب بالزواج 
هز رأسه قائلا لكنهم أخبروني بأن عمرك خمسة عشرة عاما
قلت غير صحيح
حتى لو كنت بهذا العمر ولا أريد الزواج بك
هل ترضى لنفسك أن تعيش مع زوجة لا تحبك
سمع تلك الكلمات وسط بكائي ودموعي
وتابعت بأنني أريد متابعة تعليمي
وهذا ماأطمح به
فقال لا تخافي ولن يكون إلا مايرضيك
وسأقوم بطلاقك الآن
أحسست بصدق كلماته
فأستدار مغادرا
وفعلا تم طلاقي بيوم عقد قراني
فذقت ليلتها أقسى أنواع العذاب
والكلمات الموجعة ........يتبع

بيروت  ٢٠١٨/٥/٩
بقلم عبدالله محمد الحسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق